آخر الاخبار

1 2021/11/17
إصدار دراسة حديثة بعنوان "احتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون واستخدامه في صناعة البتروكيماويات: الإمكانات والتحديات "

إصدار دراسة حديثة بعنوان

"احتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون واستخدامه في صناعة البتروكيماويات: الإمكانات والتحديات "

أصدرت الأمانة العامة لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (اوابك) دراسة حديثة بعنوان "احتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون واستخدامه في صناعة البتروكيماويات: الإمكانات والتحديات ".

جاء في مقدمة الدراسة  أن الدول العربية أصبحت تولي اهتماما متزايداً بتعظيم الاستفادة من  كافة أنواع مواردها الطبيعية، والحفاظ على مقدراتها من خلال الاستغلال الأمثل  للتقنيات الحديثة، ومنها تقنيات احتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون، والتي تم اعتمادها من قبل عدد كبير من الدول  الصناعية الكبرى كأحد الحلول الناجعة للحد من تلوث البيئية، وتعزيز إنتاجية قطاعي النفط والبتروكيماويات، وكذلك إمكانية إنتاج الهيدروجين الأزرق و الذي يرتبط إنتاجه ارتباطا وثيقاً بتقنيات احتجاز الكربون،  وهو ما يمثل فرصاً واعدة لصناعة النفط والغاز والبتروكيماويات في الدول الأعضاء لمنظمة أوابك.

استعرضت الدراسة في مجملها التقنيات الحديثة لاحتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون من مزيج غازات الاحتراق المنطلقة من الأفران، والتي تتنوع اعتمادا على نسب غاز ثاني أكسيد الكربون في تكوين المزيج الغازي في المداخن، واعتمادا على المرحلة التي يتم فيها احتجازه، سواءً بعد و / أو قبل عمليات الاحتراق. وأشارت الدراسة إلى بعض مجالات استخدامغاز ثاني أكسيد الكربون كمادة خام أولية في بعض عمليات التحويل الكيميائي "Chemical Conversion" لإنتاج منتجات ذات قيمة مضافة، كتعزيز إنتاجية اليوريا، والميثانول، وبعض الصناعات الغذائية، والمشروبات الغازية.

وأوضحت الدراسة أيضاً بانه وعلى الرغم من التحديات التي تواجه مشروعات احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه، والتي من أهمها ارتفاع التكلفة الاستثمارية وصعوبة الحصول على التمويل اللازم في الوقت المناسب، إلا أن مثل هذه المشروعات يمكن أن تلعب دوراً هاماً في تنويع اقتصادات الدول المنتجة للنفط والغاز، إذا ما تم تنظيمها بشكل جيد، ونجحت تلك الدول في وضع السياسات المناسبة والمشجعة لذلك.  

واشارت الدراسة إلى أن الدول العربية، وخاصة الدول الأعضاء في منظمة أوابك تمتلك فرصاً جيدة لتنمية مشروعات احتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون، كما تتميز الدول العربية بوجود التشكيلات الجيولوجية الملائمة والمتاحة على نطاق واسع كمواقع صالحة للتخزين المستدام الآمن لعدة عقود، كحقول النفط والغاز المستنفدة والمهجورة. كما تملك ايضاً الاستثمارات المالية اللازمة لاغتنام هذه الفرص.

وسلطت الدراسة الضوء على بعض المشروعات  الناجحة في الدول  الأعضاء، ومنها مشروع "عين صالح" في الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية، والذي يعد من أضخم المشروعات البحثية النموذجية على المستوى التجاري في العالم، من حيث تطبيق التكنولوجيا المستخدمة في تخزين غاز ثاني أكسيد الكربون جيولوجياً، والتحقق من فاعلية عمليات التخزين الاَمن له، والتأكيد على أن التوسع في مشروعات تخزين غاز ثاني أكسيد الكربون على النطاق الصناعي، هو أحد الخيارات المهمة لزيادة الإنتاجية، والربحية، ومساعدة الدول في خفض نسب انبعاثاتها من غازات غاز ثاني أكسيد الكربون. 

واشارات الدراسة إلى أن مملكة البحرينعملت مبكراً على الاستفادة من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، وكانت من الدول الرائدة على مستوى دول منطقة الشرق الأوسط في هذا المجال. حيث اعتمدت الهيئة الوطنية للنفط والغاز (NOGA) منهجية الاقتصاد الدائري الكربوني (CCE) كحل لمعالجة مشكلة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، وتشمل محوران معنيان بالتقاط غاز ثاني أكسيد الكربون، واستخدامه في إنتاج تعزيز إنتاج الكيماويات. 

وأنشأت شركة الخليج لصناعة الكيماويات" جيبيك" في عام 2010 أول مصنع لاحتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون بطاقة 0.64 مليون طن سنوياً، وهو ما يمثل أكثر من 40٪ من انبعاثاتها، تستخدم الشركة حوالي 0.52 مليون طن سنوياً من غاز ثاني أكسيد الكربون في تعزيز إنتاج الأمونيا، واليوريا، مما ساهم في زيادة إنتاج اليوريا بنسبة 50 %. بينما تستخدم نحو0.12مليون طن سنوياً لتعزيز إنتاج الميثانول، وهو ما ساهم في تعزيز الإنتاج بكميات بلغت حوالي 26 ألف طن سنوياً. وبلغت التكلفة الاستثمارية للمشروع حوالي 52 مليون دولار.  

ومن جانب آخر قُدرت الكميات التي قامت شركة "بناجاس" Banagaباحتجازها في عام 2019 بنحو 110 ألف طن سنوياً، واستخدمتها الشركة في تعزيز استخلاص النفط في حقل "البحرين". وتمتلك الشركة خططاً مستقبلية طموحة لاحتجاز كميات إضافية من غاز ثاني أكسيد الكربون لتصل إلى نحو 0.5 مليون طن لتعزيز اقتصاديات استخلاص النفط في المملكة.

وفي دولة الأمارات العربية المتحدةتم تشغيلمشروع شركة أبو ظبي لالتقاط الكربون "الريادة"، في عام 2016، بطاقة حوالي 0.8 مليون طن سنوياً، وحقنه في حقلَي "الرميثة" و"باب" النفطيين التابعين لشركة أدنوك. كما لدى شركة "أدنوك" خططاً لإنتاج الأمونيا "الزرقاء" في مجمع الرويس، وذلك في إطار خطتها للتوسع في تنمية مشروعات احتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون لتصل طاقتها إلى 5 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا بحلول عام 2030.

وفي إطار الجهود والمبادرات التي تبذلها  المملكة العربية السعوديةفي هذا المجال، فقد نجحت شركة ارامكو  في تعزيز القيمة المضافة لغاز ثاني أكسيد الكربون، وإنتاج منتجات متخصصة، وذلك بالاستحواذ على تقنية " كونفيرج بولي أول " الجديدة في عام 2016 ، لتحويل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى منتجات نهائية ذات قيمة وكفاءة أداء عالية، وبتكلفة أقل نسيبا، خاصة عند دمجها مع مركبات " البولي يورثان"، لإنتاج المواد اللاصقة، ومواد العزل للمباني، ومواد تغليف الأغذية، ومانعات التسرب، والمطاط الصناعي عالي القوة والمقاومة للكشط، وطلاءات المنازل الخارجية المقاومة للعوامل الجوية، والمواد ذات القدرة العالية على تحمل الأحمال. 

وواصلت الشركة جهودأنشطة البحث والتطوير بالتعاون مع شركة "سابك"، وبمشاركة معهد اقتصاديات الطاقة الياباني "The Institute of Energy Economics-IEEJ" في عام 2020، من تنفيذ مشروع تجريبي اعتمادا على مفهوم اقتصاد الكربون الدائري، لإنتاج أول شحنة في العالم من الأمونيا الزرقاء تبلغ كميتها 40 طن، وتصديرها إلى اليابان.

وفي إطار الجهود التي تبذلها شركة "سابك" ضمن إستراتيجيتها لعام 2025، قامت الشركة بالتخطيط لتنفيذ مشروع ضخم لاحتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون بطاقة حوالي 0.5 مليون طن سنوياً، والناتج من وحدات إنتاج الإيثيلين غلايكول من مصانعها في شركة "المتحدة"، تصل التكلفة الاستثمارية للمشروع حوالي 650 مليون ريال. كما تخطط الشركة للسماح للمنشآت الصناعية القريبة منها، من المشاركة في تشييد شبكة أنابيب برية لنقل غاز ثاني أكسيد الكربون من مصادره المختلفة، واستخدامه في تصنيع منتجات متنوعة ذات قيمة مضافة مثل اليوريا، والميثانول، الهكسانول.

كما قامت الشركة الوطنية للإضافات البترولية المحدودة (QAFAC)، في دولة قطربتشغيل مصنع لاحتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون، في عام 2014، واستخدامه في تعزيز إنتاج الميثانول، وهو ما ساهم في زيادة إنتاج الميثانول بمقدار 250 طن / يوم، وخفض كمية انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بمقدار 500 طن / يوم.

ونوهت الدراسة كذلك إلى الجهود التي تبذلها جمهورية مصر العربيةلخفض نسب انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، وتعظيم الاستفادة منه، من خلال الإعلان عن عدد من المشاريع التي تنفذها شركات الأسمدة لاستخدام غاز ثاني أكسيد الكربون لتعزيز إنتاج اليوريا لتصل إلى نحو 2.3 ألف طن يومياً بدلاً من 1.9 ألف طن يومياً. بالإضافة إلى قيام الشركة المصرية القابضة للبتروكيماويات "إيكم"، بالتعاون مع شركة "تويوتا تسوشو اليابانية" Toyota Tsusho، لإجراء دراسة جدوى فنية للبحث عن أفضل الفرص المتاحة في قطاع البترول لتنفيذ مشروعات احتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون، وإنتاج الأمونيا الزرقاء، اعتمادا على أحدث التكنولوجيات اليابانية في هذا المجال.  

وأوضحت الدراسة في نهايتها بانه يمكن التوسع في مشروعات إنتاج الهيدروجين الأزرق والمرتبط إنتاجه بتقنيات احتجاز الكربون بشكل أسرع من مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر، نظراً لوجود وفرة من الأجهزة، والمفاعلات في المصافي ومصانع البتروكيماويات الكافية لإنتاجه، بينما لا يوجد في الوقت الراهن ما يكفي من أجهزة التحليل المائي المطلوبة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، فضلاً عن ضرورة التوسع في تشييد مشروعات لإنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقات المتجددة، لإنتاجه. مما يتسبب في رفع تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر بمقدار 4 مرات عن تكلفة إنتاج الهيدروجين الأزرق. وهو ما يمثل فرصة واعدة بالنسبة لصناعة النفط والغاز في الدول العربية.

وانتهت الدراسة بعدد من الاستنتاجات والتوصيات، ومن أهمها:

  •       أثبتت تقنيات احتجاز واستخدام وتخزين غاز ثاني أكسيد الكربون CarbonCapture, Utilization, and Storage CCUS، جدواها الاقتصادية في عدد من التطبيقات، وانتشرت ببطء إلى حد ما، وتنوعت تلك المشاريع من حيث المستوىما بين التجاري والتجريبي، والبحثي. 
  •       ستكون تقنيات احتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون أحد أهم التقنيات الواعدة التي سيتم تبنيها في العديد من القطاعات الاقتصادية مستقبلاً، خاصة في قطاع النفط والغاز، للمساهمة في جهود والتزامات الدول نحو خفض نسب انبعاثاتها، وتعظيم الإنتاجية والربحية للصناعة.
  •       زيادة التعاون والتنسيق بين الحكومات، والقطاع الاستثماري الخاص لتوفير التمويل اللازم لمشروعات احتجاز واستخدام غاز ثاني أكسيد الكربون، والمساهمة في اتخاذ القرارات النهائية للاستثمار.
  •       تحديد الفرص المتوافقة مع سياسات الدول العربية ومصالحها، لتشجيع الاستثمار الاَمن والمشترك، وبما يتناسب مع خطط وإستراتيجيات الدول في تنويع اقتصاداتها، وتحقيق التزاماتها الدولية نحو خفض نسب انبعاثات غازات الدفيئة.
  •       زيادة الاستثمارات المالية في مجال إنشاء البنية التحتية، وإقرار السياسات الحكومية اللازمة والمحفزة لتحقيق ذلك.